المسكن بين القدرة الاقتصادية والرغبات الاجتماعية للمجتمع السعودي

المسكن بين القدرة الاقتصادية والرغبات الاجتماعية للمجتمع السعودي 

اتضح من خلال الدراسة الاجتماعية للأسر حسب العينة التي تم اجراء الاستبيان عليها والمسح العمراني للمخططات السكنية القائمة في مدينة جدة ما يلي:

  • المجتمع يعمل وفق امكانياته ودخلة المادي من حيث القدرة على التملك وتوفر العدد المناسب من الغرف وامتلاك السيارات وتوفر الخدم وغيرها، فانخفاض الدخل ينعكس على التملك وحجم المسكن وتوفر الخدم وغيره. ويمكن استنتاج أن هناك عدم ملاءمة فالذي يمتلك القدرة المادية يستطيع الحصول على متطلباته والذي لا يمتلك المقدرة المادية لا يستطيع تحقيق متطلباته وهذا مؤشر واضح لعدم وجود ملاءمة وأن العدالة محدودة.
  • أن معظم الأسر التي اجري عليها الاستبيان تسكن بالإيجار بنسبة بلغت 92.8% ولعل التركيز على تلك الفئة التي تطمح لامتلاك مسكن ادى لنتائج مناسبة في معرفة الرغبات والملاءمة للواقع . كما أن الأسر التي تسكن بالشقق بلغت 66.5% والأسر التي تسكن في فلل أو وحدات مستقلة بلغت 16.9%، والأسر التي تسكن مع الأهل 16% وبلغت نسبة الأسر التي تسكن بمساكن حكومية تتبع للجهات التي تعمل بها 1% فقط. وتفضل معظم الأسر السكن في وحدة سكنية منفصلة كالفيلا ، ولأسباب ضعف الإمكانيات المادية لأغلب الأسر ومحدودية الدخل لديها ، وارتفاع اسعار الأراضي والوحدات اضافة لارتباط الأسرة بأنواع مختلفة من الأقساط التي تستقطع من دخلها فإن السكن في الوحدات المستقلة لن يكون في متناول معظم الأسر.
  • تمثل دخل 50 % من الأسر بسبعة الآف ريال فأقل عائقا أمام مسألة امتلاك المسكن وذلك بالإعتماد على مقدار الدخل الشهري فقط ، وخصوصاً للوحدات المستقلة والفلل، لارتفاع قيمتها المالية التي لا تتناسب مع دخل الأسره. بينما هناك فئة آخرى متدنية الدخل وتمثل 17.7% لا يمكنها الحصول على وحدة سكنية مهما كان نوعها بسهولة في ظل ما يمكن أن تخصصه من الدخل لامتلاك مسكن حتى وإن كانت صغيرة أو متواضعة، وقد تحتاج لدعم من جهات آخرى وفترات زمنية طويلة. (مع ملاحظة أن معظم الأسر لا يوجد لديها دخل اضافي وبلغت 69%) خصوصاً أن سعر المتر للأرض لا يقل عن 650 ريال/م2 في المخططات البعيدة و1200 ريال/م2 للمخططات الأقرب 2500 ريال/م2 للمخططات المخدومة اإلى حد ما ، اضافة الى تكلفة البناء عليها. كما أن اسعار الفيلل الصغيرة لا تقل عن 1.200 مليون ومائتي ألف ، والشقق الصغيرة لا تقل عن 330 الف ريال. ايضاً هناك فئة دخلها عال يمكنها من بناء أو امتلاك مسكن في فترة زمنية معقولة، ولكنها شريحة قليلة لم تمثل سوى 11%، وكلما زادت امكانية الأسرة المادية زادت فرص احتمال امتلاك المسكن وتقلصت المدة الزمنية لذلك.

شكل (1) الدخل الشهري للآسر

المصدر : من إعداد الباحث

 لذلك فإن معظم الأسر تحتاج لدعم في امتلاك المسكن من خلال برامج الاقتراض الحكومي والخاص وفق معايير تضمن آلية الإقراض أو من خلال برامج الدولة في تخطيط الأحياء وبناء مساكن مناسبة عليها تلائم احتياجات المجتمع ومتطلباته.

  • نتيجة لمتطلبات الأسرة السعودية في حجم الوحدة السكنية والتي تختلف عن غيرها من المجتمعات من حيث عدد افراد الأسرة الذي يبلغ في متوسطه 5.6 فرد/للأسرة. وكذلك الخصوصي التي تتطلب فصل الضيوف عن العائلات ، فإن ذلك انعكس على الرغبة أو الضرورة للسكن في وحده سكنية بحجم كبير فالأسر التي لديها أربع أو خمس اطفال بلغت 30% من حجم العينة وبالتالي انعكس ذلك على رغبتها في الحصول على مسكن من ثلاث غرف بنسبة بلغت 34.7% تلتها نسبة 25% للأسر التي تحتاج إلى اربع غرف نوم في الوحدة السكنية للتمكن من تحقيق الملاءمة والرضى للعيش في المسكن.
  • بدأت تتولد تدريجيا لدى المجتمع قناعة بالسكن في الشقق لملامسة سعرها مع قدراتهم المادية لانخفاض سعرها وانخفاض تكاليف صيانتها فقد بلغت نسبة الأسر التي ترغب في امتلاك شقه حوالي 30% بينما لا تزال هناك شريحة كبيرة مثلت حوالي 70% ترغب في السكن في وحدة مستقلة أو فيلا وبمقارنة اسعار الأراضي السكنية والتي يمكن البناء عليها مباشرة فإن أسعارها تفوق سعر أكبر الشقق وفي الأحياء الراقية، ولقد لجاء المطورون العقاريون لتقسيم قطع الأراضي السكنية إلى قطعتين أو أكثر لتقليل تكلفة الوحدة ومكانية بيعها للأسر المقتدرة نسبيا.
  • إن واقع المخططات العمرانية القائمة خصوصا غير المخدومة منها بالبنية التحتية والمرافق الأساسية يشكل عائقاً امام امكانية السكن عليها ، اضافة لأسعارها التي تفوق الإمكانيات المادية لمعظم الأسر حيث انعكست على نظرة الأسر السلبية نحو سوق العقار وعدم ملاءمته لإمكانياتها المادية فقد بلغت حوالي 46% ، ونسبة 35.7% ترى أنه معتدل إلى حد ما ، أما النسبة المقتدرة التي ترى أنه مناسب بلغت 18.3%. وبالتالي فإن هاجس الأسر اصبح متعلقاً بالحصول على المسكن مع التنازل الكبير عن مكان ونوع المسكن إلى حد ما في ظل التحديات الاقتصادية.

تناول هذا البحث عرض أهم الملامح الاجتماعية التي اظهرها تحليل المسح الاجتماعي وتخللها عرض لنتائج المسح الاجتماعي والسكاني والاقتصادي التي تم اجراؤها بالبحث لمعرفة عوامل هامة مؤثرة بشكل مباشر أهما القدرات المادية والرغبات والاحتياجات للمجتمع وما شكله أهمية حصول المواطن السعودي على المسكن الملائم ، من خلال معطيات الواقع الفعلي مع معرفة العلاقة بين ذلك وبين المتوفر على ارض الواقع لملائمة المخططات السكنية بمدينة جدة للمجتمع السعودي من عدمه. وان المعروض والمتاح من المساكن يفوق القدرة الاقتصادية لإمكانات الاسر السعودية المادية.

  1. النتائج:
  • المجتمع السعودي غير مقتدر بالشكل الذي يمكنه من تحقيق متطلباته ، حيث أن احتياجاته تفوق امكانياته المادية.
  • هناك عدم توافق أو ملاءمة بين المعروض من اراض وعقارات سكنية وبين رغبات المجتمع.
  • جزء من المجتمع اقتنع بالتوجه لتملك وحدات سكنية صغيرة كالشقق متنازلين عن رغباتهم في الحصول على قطع اراضي أو مساكن كبيرة كالفلل وما شابهها، ووعيهم بتحكيم رغباتهم بقدر امكانياتهم.
  • التملك للمسكن ليس ضرورة ولكن الضرورة تكمن في الحصول على المسكن المناسب ضمن امكانيات المجتمع حتى وإن كان المجتمع ينظر لها أنها نوع من الأمان أو الإستقرار، فيجب البحث عن المسكن الملاءم اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا وبأقصى درجات الملاءمة الممكنة.
  • اظهرت النتائج أن العوامل الاقتصادية ضد العوامل الاجتماعية وهذا ادى لعدم ملاءمة كما أن هناك عدم ملاءمة عمرانية حيث أن المخططات بمساحاتها الكبيرة وتقسيماتها التخطيطية لا تتناسب مع المقدرة الاقتصادية للمجتمع.
  • انتشار المخططات والمساكن لا يعني تلبية احتياجات المجتمع مع متطلبات الأسر بالسكن الملاءم مع ارتفاع أسعارها بشكل مستمر ومتزايد.
  • تُوفر بعض مجمعات الشقق السكنية السكن المريح الذي يراعى الجوانب الاجتماعية ويعطي الخدمات من طرائق ومواقف اهتمام كبير إضافة لكون أسعارها تتماشى مع قيمتها الفعلية ومساحتها وخدماتها وهي أفضل بكثير مما يسمى بالفيلات والتي يبحث عنها الناس لمجرد أنها تسمى فيلات.
  • التوصيات:
  • ضرورة إعادة دراسة سياسات توفير الإسكان وذلك باعتبار المؤثرات التي يخضع لها مثل قانون العرض والطلب ومستوى دخل الساكن واختلاف فئاته ومقدراته المادية.
  • إعادة النظر في المشاريع الإسكانية الحكومية الغير اقتصادية مع إعداد التنظيم وفقا لفئات المجتمع مما يوفر مساحات أكبر استيعاب للمساكن ويوفر مساكن عملية بكلفة معقولة ومقبولة.
  • الدعم الحكومي وإيجاد الآلية الرقابية الدقيقة والمدروسة لمنتجي وموردي مواد البناء لانعكاس ذلك على استقرار سوق الاسكان ونموه بشكل متناسب ومتنامي مع احتياج المجتمع.
  • ضرورة مشاركة القطاع الخاص والأفراد في عملية التنمية العمرانية  وهيكلة الأنظمة والتوجهات المتعلقة بالإسكان بوجه عام وإسكان محدودي الدخل بوجه خاص .
  • وضع سياسة واستراتيجية تهدف لإقامة حياة اجتماعية ملاءمة في المخططات السكنية بتوفير وحدات سكنية تتفق مع امكانيات المجتمع وتفي بأهم احتياجاته.
  • التثقيف المشترك لجميع صانعي القرار في مجال تقسيم الأراضي والإسكان ومنفذيه ومستهلكيه أمر هام جداً لخلق بيئة عمرانية لها هوية ومنظومة واضحة يؤدي بشكل مباشر لتكوين مجتمع سعيد ومترابط وآمن.
  • ضرورة تواجد دراسات لتوثيق قضية المعدل المقبول في المملكة أو على مستوى المدن للتزاحم السكاني ، حيث أن مرحلة التصميم هي أهم مرحلة في تطوير المخطط والسكن ، ووضع نظام لتصنيف المباني السكنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *